بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، القائل في كتابه الكريم:{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا} ونشهد ألّا إله إلا الله واحدٌ بلا شريك، وملكٌ بلا تمليك، ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله بالحق إلى الناس أجمعين، أرسله بشيراً ونذيراً، وهادياً وداعياً وسراجاً منيراً، وثائراً في وجه الطغاة والطغيان، والظلم والعدوان، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار، وارض عن صحابته الأخيار المنتجبين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد/ أيها الأخوة المؤمنون:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ . يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} فالتذكير باليوم الآخر والتذكّر له هو من الأمور التي يجب استحضارها دائماً في ذهنية الإنسان المؤمن, ومن المؤسف أن التذكير باليوم الأخر غاب من واقع التثقيف لدى الأمة الإسلامية عن المنابر والمناهج ووسائل التوعية والإعلام؛ بينما نجد أن الله ذكرنا باليوم الآخر في كتابه الكريم بشكل كبير ومفصل ومتكرر، وسماه بأسماء متعددة؛ كيوم الطامة والصاخة والقيامة ويوم الفصل ويوم التغابن، وقدم لنا عرضاً تفصيلياً لكل أحداثه؛ ليكون الإنسان عارفاً بما سيقدم عليه وحذراً متيقظاً؛ لأنه سينتقل من هذه الحياة حتماً ليقف ذلك الموقف كما قال تعالى: { كُلُّ نَفۡسِ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} ويقول تعالى {كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوۡنَ أُجُورَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} ويبدأ يوم القيامة بما ذكر الله عن تفاصيل زلزلة الساعة التي ستطال كل شيء في الحياة، والتي ستكون فوق تصور الإنسان وتوقعاته من الهول والشدة فيقول تعالى عن السماء{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} {وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} {وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ أَبۡوَٰبٗا} ويتحدث عمّا سيحدث للشمس التي كانت مشرقة ومضيئة فيقول: {إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} وربما تصطدم بجرم سماوي آخر كما قال تعالى: {وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَر}؛ فيغيب نورها ويبرد لهبها، ويتحدث عمّا سيحدث للنجوم فيقول تعالى: {فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ} {وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} ويتحدث عمّا سيحدث للأرض والجبال فيقول تعالى: {وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ} ويقول: {إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجّٗا . وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} ويقول تعالى: {إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا . وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا . وَقَالَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَا لَهَا . يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} ويتحدث عمّا سيحدث للبحار فيقول تعالى: {وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ} فتحترق مياهها وتتبخر.
أخي المؤمن:
كيف يكون حالك عندما ترى زلزالاً عنيفاً أو بركاناً نشطاً أو عاصفة شديدة تثور نحوك؟ فكيف بزلزال يعصف بالسماء والأرض والشمس والنجوم والبحار وبكل مكونات هذا الكون الفسيح {إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ} تنتهي الحياة بعد ذلك الزلزال، ويعاد تشكيل الأرض من جديد، وتبدأ عملية البعث فيقول تعالى:{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} يبعث الله في الناس
اقراء المزيد